نور القلوب: فضل قراءة القرآن الكريم وأثرها في حياة المسلم

هل سألت نفسك يومًا عن السبب وراء أهمية تلاوة القرآن؟ لماذا يُعتبر قراءة القرآن من أفضل الطرق للتقرب إلى الله؟ وما هو الأجر الكبير الذي نستفده منه؟
في هذا المقال، نستكشف معًا أسرار وفوائد قراءة القرآن. نكتشف أهميتها في حياتنا الدينية والدنيوية.

نور القلوب: فضل قراءة القرآن الكريم وأثرها في حياة المسلم

التعايش مع القرآن

القرآن الكريم كتاب الله الخالد، ومعجزته الكبرى، وهداية للناس أجمعين، قال تعالى: {الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (إبراهيم:1) من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم.

فيه تقويم للسلوك، وتنظيم للحياة، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً.
وتلاوة كتاب الله من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} (فاطر:29).

وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم.

فضل قراءة القرآن الكريم

1- إنَّ القرآن الكريم يقف يوم القيامة شفيعًا لمن حرص على قراءته وسعى بشكلٍ دائم على أن يكون على صلةٍ وارتباطٍ به، ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ("تعلَّموا القرآنَ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شافعًا لأصحابِه").

2- إنَّ طمأنينة القلب تحصل للمسلم بذكر الله -عزَّ وجلَّ- ودليل ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، ومن المعلوم أنَّ تلاوة القرآن الكريم تعدُّ من أفضل الذكر، وقد جاءت إحدى الدراسات تؤكد على وجود ارتباطٍ وثيقٍ بين حفظ القرآن الكريم وسلامة الصحة النفسية.

3- إنَّ فضل القرآن الكريم على صاحبه أيضًا أنَّه شفاءٌ له من جميع الأمراض البدنية والنفسية، ودليل ذلك قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}، وقوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}.

4- قارئ القرآن له الأجر والثواب العظيم يوم القيامة لقد جعل الله -عزَّ وجلَّ- لقراءة القرآن الكريم أجرًا كبيرًا وثوابًا عظيمًا، وقد جاء حديث عقبة بن عامر يبيِّن الأجر المترتب على قراءة القرآن الكريم حيث قال:

خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَنَحْنُ في الصُّفَّةِ، مكان في آخر المسجد كان يجلس ويعيش فيه فقراء المسلمين، ويبيتون ويصلون فيه. فَقالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، موضعان بالمدينة وفيها أسواق للناس. فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ كَوْمَاوَيْنِ النوق السمان العظيمة الضخمة.

فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ.
فهذا الحديث يبيِّن أنَّ قراءة آيتين من كتاب الله أو تعلمهنَّ خيرٌ للمسلم من ناقتين عظيمتين.

5- إنَّ القرآن الكريم يرفع منزلة صاحبه يوم القيامة ويجعله مع السفرة الكرام البررة، ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماهِرُ بالقرآنِ مع السفرَةِ الكرامِ البرَرَةِ".

6- إضافة إلى كلِّ ما سبق من فضائل القرآن الكريم، فإنَّه أيضًا سببٌ لمضاعفة الأجر، وقد جاء حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبيِّن الأجر المترتب على قراءة القرآن الكريم، حيث قال: "منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ".

7- إنَّ من الشرف العظيم الذي يتحصَّل للمسلم عند انضمامه لمجالس القرآن الكريم أنَّالملائكة تحفُّه، وقد ورد ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ".

8- قارئ القرآن الكريم يحظى بشأن رفيع عند الله. القرآن يشفع له يوم القيامة. كما يرفع الله شأنه في الدنيا والآخرة.
وفي الحديث الشريف: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة". هذا يعني أن قارئ القرآن من أهل الله وخاصته.

9- الرفعة في الدنيا: من يقرأ القرآن ويتدبر آياته، يرفع الله شأنه في الدنيا. القرآن ينور القلوب ويزكي النفوس. يجعل صاحبه من أهل الله وخاصته.الملائكة تحفظ الأجور لمن يقرأ القرآن. وتسوي القبر له بعد وفاته، كما في الأحاديث الشريفة.

10- المنزلة العظيمة في الآخرة: قارئ القرآن ينتظر مقامًا عظيمًا. الله يرفع خيمة من نور لصاحبه بعد وفاته.
الله يخص قارئ القرآن بشفاعته يوم القيامة. ويقول: "حرمه على النار". هذا من أعظم الفضائل.

آثار تلاوة القرآن الكريم 

  • صفاء الذهن، حيث يسترسل المسلم بشكل يومي مع القرآن الكريم، فيتتبع آياته وأحكامه، وعظمة الله في خلقه.
  • قوَّة الذاكرة؛ فخير ما تنتظم به ذاكرة المسلم هو آيات القرآن الكريم، تأملًا، وحفظًا، وتدبرًا.
  • طمأنينة القلب، حيث يعيش من يحافظ على تلاوة القرآن الكريم وحفظ آياته بطمأنينة عجيبة، يقوى من خلالها على مواجهة الصعاب التي تواجهه، فقد قال– تعالى-:«الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ».
  • الشعور بالفرح والسعادة، وهي ثمرة أصيلة لتعلُّق قلب المسلم بخالقه، بترديده لآياته وتعظيمه له.
  • الشعور بالشجاعة وقوَّة النفس، والتخلُّص من الخوف والحزن والتوتر والقلق.
  • قراءة القران الكريم قوة في اللغة، فالذي يعيش مع آيات القرآن، وما فيها من بلاغة محكمة، وبيان عذب، ولغة قوية، تقوى بذلك لغته، وتثرى مفرداته، ولا سيَّما متى عاش مع القرآن متدبرًا لمعانيه.
  • انتظام علاقات قارئ القرآن الاجتماعيَّة مع النَّاس من حوله، حيث ينعكس نور القرآن على سلوكه، قولًا وعملًا فيحبب الناس به ويشجعهم على بناء علاقات تواصليَّة معه، فيألف بهم، ويألفون به.
  • التخلُّص من الأمراض المزمنة، حيث ثبت علميًا أنَّ المحافظة على تلاوة القرآن الكريم والاستماع لآياته، يقوي المناعة لدى الإنسان بما يمكِّنه من مواجهة الكثير من الأمراض المزمنة.
  • رفع لقدرة الإنسان الإدراكيَّة في مجال الفهم والاستيعاب، فالمسلم المنتظم بعلاقته مع كتاب الله دائم البحث والتدبر في معانيه، مقلبًا لكتب التفسير يتعلم كل ما هو جديد من معاني القرآن العظيمة.
  • نيل رضى الله وتوفيقه له في شؤون الدنيا، يجده بركة في الرزق، ونجاة من المكروه.
  • الفوز بالجنَّة يوم القيامة، حيث يأتي القرآن الكريم يوم القيامة يحاجّ عن صاحبه الذي كان يقرؤه، شفيعًا له.
  • تشفي الإنسان من الحيرة التي تصيبه، كما أنّ قراءته تبعد عن اليأس والإحباط.
  • يبين المساواة بين الرجل والمرأة في التكليف، والتشريف، والمسؤولية.
  • يبعد الإنسان عن الخوف، والخرافات، والأوهام.
  • يقدم تفسيرًا دقيقًا للحياة، والكون، والإنسان.
  • يبعد الإنسان عن جميع انواع الشبهات.
  • يلقي في قلب القارئ الطمأنينة والسكينة.

آثار هجر القرآن الكريم 

  • كثرة الهمّ والحزن في الحياة، فالحياة مليئة بالمشاكل والهموم، ومن فقد نور القرآن لن يتمكن من الوقوف في وجه هموم الحياة.
  • إظلام النفس، ووحشة القلب، حيث يشعر المسلم الهاجر لكتاب الله بظلمة في نفسه، تنعكس على سلوكه اليومي، وعلى مزاجه العام.
  • قلَّة بركة الرزق، فيشعر أنَّ الرزق رغم وفرته باستمرار لا بركة فيه أبدًا، وأنَّه لا يكفي حتى معاشه اليومي.
  • نفور في العلاقات الاجتماعيَّة .
  • اضطراب النفس، والشعور بالتوتر.

آداب وأحكام تلاوة القرآن الكريم

تلاوة القرآن الكريم مهمة في حياة المسلم. هناك آداب وأحكام يجب اتباعها. أحكام تلاوة القرآن وكيفية تلاوة القرآن بطريقة صحيحة تجعل العبادة أكثر قيمة.
من أهم آداب تلاوة القرآن الكريم:
  • الإخلاص لله تعالى في القراءة والتلاوة
  • الخشوع والوقار أثناء التلاوة
  • الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر
  • استقبال القبلة أثناء التلاوة
  • التعوذ بالله من الشيطان الرجيم قبل البدء بالتلاوة
  • البسملة عند البدء بالقراءة
  • حسن الصوت والتجويد عند التلاوة
  • التدبر والتفكر في معاني الآيات

الخلاصة: تلاوة القرآن الكريم تعد من أهم العبادات. لها فوائد كثيرة في الحياة الدنيا والآخرة. تُحسّن من النفس والقلب، وتُرفع منزلته عند الله.
حفظ وتعليم القرآن يُعتبر من الأعمال الجيدة عند الله. يجب على المسلمين التزامهم بأداب تلاوته. هذا يساعد في استيعاب عظمة هذا الكتاب.
القرآن هو مصدر النور والهداية. يجب علينا التدبر في آياته لاستفادة منها في حياتنا.

في النهاية: يا أيها الآباء ويا أيها الأمهات ويا أيها المربون، استوصوا بالأجيال خيراً، نشئوها على حُبِّ كتاب ربها، علموها العيش في رحابه، والاغتراف من معينه الذي لا ينضب، فالخير كل الخير فيه، وتعاهدوا ما أودع الله بين أيديكم من الأمانات، بتربيتها تربية قرآنية، كي تسعدوا في الدنيا قبل الآخرة، فما هانت أمة الإسلام إلا بهجرها لكتاب ربها وبعدها عنه.

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وحبِّب أبناءنا تلاوته وحفظه والتمسك به، واجعله نوراً على درب حياتهم، آمين.

شاهد كيف يتحدث اليكم القرآن الكريم ويعاتبكم

لمذيد من الفيديوهات علي قناتنا علي اليوتيوب اضغظ هنا

تعليقات