في عالم يملؤه التطور الطبي وتنوع فيه الأدوية، يبرز الطب البديل كخيار يلجأ إليه العديد من الأشخاص الذين بحثوا طرقًا علاجية طبيعية وآمنة. يتميز الطب البديل باستخدامه التقليدي وتقنيات غير تقليدية تعتمد على الطبيعة والطب.
ما هو الطب البديل ؟
يمكن تعريف الطب البديل : أنه كل طريقة علاجية لا تستخدم العقاقير والأدوية الكيميائية المصنعة في علاج الأمراض.
والطب البديل كمسمى حديث يطلق على الطرق المستعملة حالياً في الغرب. غير أنه معروف منذ القدم في جميع المجتمعات ومنها المجتمعات العربية، فالأعقاب والحجامة والكي كلها يمكن إدراجها ضمن مسمى الطب البديل، وكذلك في الصين فقد انتشر استخدام الإبر الصينية والحجامة والأعشاب على نطاق واسع.
و من مشكلات الطب البديل أنه لم يخضع للتجارب العملية الكافية، التي خضع لها الطب الحديث. فلم يطبق مثلا على الحيوانات قبل استخدامه على الإنسان، وبعض أساليبه لم تدرس في مدارس نظامية وإنما يتوارثه المطببون أبا عن جد.
تاريخ الطب البديل
يُعتبر الحفاظ على الصحة هدفًا مشتركًا بين البشر على مر العصور، وقد بدأ تاريخ الطب بمحاولات الأجداد للحفاظ على صحتهم وتعلم طرق الشفاء. يشمل ذلك ما يُعرف اليوم بالطب البديل، الذي يمتد تاريخه عبر آلاف السنين، متداخلًا مع السحر والمعتقدات الروحية في بداياته، ثم متطورًا ليصبح مجموعة متنوعة من الممارسات العلاجية التي تُستخدم جنبًا إلى جنب مع الطب الحديث أو كبديل عنه.
البدايات القديمة: السحر والروحانية والتجربة
في العصور القديمة، لم يكن هناك فصل واضح بين الطب والدين أو السحر. اعتمد الناس على المعالجين الروحيين والشامان الذين استخدموا الأعشاب والطقوس والتعاويذ لعلاج الأمراض. كان يُعتقد أن الأمراض ناتجة عن قوى خارقة أو غضب الآلهة، ولذلك كان العلاج يهدف إلى استرضاء هذه القوى.
الطب الشعبي: اعتمد على التجربة والخطأ في استخدام النباتات والمواد الطبيعية لعلاج الأمراض الشائعة مثل الإمساك ونزلات البرد.
الطب في الحضارات القديمة: تركت الحضارات القديمة مثل المصرية والصينية والهندية إرثًا طبيًا غنيًا. فقد عرف المصريون القدماء التحنيط وتشريح الجثث، بينما طور الصينيون الوخز بالإبر والطب الهندي القديم (الأيورفيدا) الذي يركز على التوازن بين الجسم والعقل والروح.
العصور الوسطى: ازدهار الطب الإسلامي
شهدت العصور الوسطى ازدهارًا للطب في العالم الإسلامي، حيث ترجم العلماء المسلمون النصوص الطبية اليونانية والرومانية وأضافوا إليها اكتشافاتهم الخاصة. برز علماء كبار مثل ابن سينا والرازي الذين وضعوا أسسًا للطب الحديث. في المقابل، شهدت أوروبا تراجعًا في الطب بسبب سيطرة الكنيسة التي اعتبرت الأمراض عقابًا من الله.
عصر النهضة والثورة العلمية
مع عصر النهضة والثورة العلمية، بدأ الطب في أوروبا يعتمد على المنهج العلمي والتجريبي. تم اكتشاف الدورة الدموية وتطور علم التشريح، مما أدى إلى فهم أفضل لجسم الإنسان. في هذه الفترة، بدأت تظهر ممارسات طبية جديدة مثل المعالجة المثلية (الهوميوباثي) التي أسسها الطبيب الألماني صمويل هانيمان.
القرن التاسع عشر والعشرون: ترسيخ الطب الحديث وظهور مصطلح "الطب البديل" شهد القرنين التاسع عشر والعشرون تطورًا هائلاً في الطب الحديث مع اكتشاف الجراثيم والمضادات الحيوية واللقاحات. أصبح الطب الحديث هو التيار السائد، وبدأ يُطلق مصطلح "الطب البديل" على الممارسات التي لا تتبع المنهج العلمي التقليدي.
ما هي أساليب العلاج بالطب البديل؟
هناك مئات الأساليب للعلاج بالطب البديل، لكننا سنذكر بعضاً منها وهي التي يمكن أو يتم استخدامها في مجتمعاتنا العربية
- العلاج بالقرآن والرقى الشرعية وبماء زمزم.
- العلاج بالأعشاب. استخدام النباتات والمواد الطبيعية لعلاج الأمراض.
- العلاج بالغذاء ويشمل العلاج بالعسل وبالحبة السوداء وبالألياف الغذائية وبالفواكه أو الخضار أو الفيتامينات.
- العلاج الشمولي: الذي يركز على علاج الجسم ككل، مع مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية.
- المعالجة النفسية وتشمل جلسات الاسترخاء والتنفيس عن النفس والعلاج المعرفي.
- المعالجة الاستردادية الحيوية (biofeedback).
- العلاج الطبيعي بالحرارة والماء والتمارين.
- العلاج بالإبر الصينية.
- العلاج بالإيحاء والتخيل.
- العلاج بالحجامة.
- العلاج بالكي.
- العلاج بالصوم.
هل يعتبر الطب البديل فعالاً في علاج الأمراض؟
لا يمكن الحكم على كافة طرق الطب البديل بكونها فعالة أم لا، لكن نحن المسلمين لابد لنا من الإيمان بالطرق العلاجية التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية كالعلاج بالقرآن والرقية الشرعية، والعسل وحبة البركة وغيرها، كما أننا نحث الأطباء والباحثين على إجراء الأبحاث لمعرفة كيفية تأثير كل من هذه الطرق على الصحة والمرض.
الأخطار العامة الناتجة عن استعمال بعض أساليب العلاج البديل
. يلاحظ أن أكثر مستخدمي الطب البديل، يتأخرون عن استشارة طبيبهم عند حدوث أي مشكلة صحية لديهم، ويلجأون مباشرة إلى المعالجين الشعبيين أو إلى الأقارب، يطلبون النصيحة، ومن ثم يبدأون باستعمال ما يرونه مناسبا لحالتهم المرضية بحسب تقديرهم.
وهذا التصرف قد لا يحمل ضررا في حالات كثيرة لكن قد يكون خطيرا في بعض الأحيان. يترك بعض الناس علاجاتهم الموصوفة من قبل أطبائهم، مع حاجتهم لها، لاستعمال نمط من أنماط الطب البديل، وهذا قد يحمل خطورة في بعض الحالات كمرضى السكري الذين يستغنون عن خافضات السكر الفموية، أو الأنسولين بحثاً عن دواء أفضل فتتردى حالتهم الصحية، ويصابون بمضاعفات.
وكذلك بعض المرضى المصابين بالأورام والذين يتركون علاجهم الموصوف من قبل الطبيب المعالج لاستخدام أسلوب من أساليب العلاج التقليدي أو البديل فيستفحل المرض ويصعب علاجه.
قد يجمع بعض الناس بين الأدوية والعلاجات الحديثة والبديلة دون معرفة الطبيب فيؤدي ذلك إلى تفاعلات ونتائج غير محمودة. يلجأ بعض المرضى إلى معالجين بالطب البديل
غير مجازين علمياً، أو ليس لديهم معرفة كافية بما يمارسونه، فينتج عن ذلك آثار جانبية غير المتوقعة. لم يمر الطب البديل بدراسات واختبارات كالطب الحديث، وهذا يجعل الثقة به أقل، واحتمال حصول الآثار الجانبية أكبر.
الخلاصة: تاريخ الطب البديل هو جزء لا يتجزأ من تاريخ الطب بشكل عام. فقد تطور عبر العصور متأثرًا بالمعتقدات الثقافية والعلمية لكل عصر. في العصر الحديث، أصبح الطب البديل يشمل مجموعة متنوعة من الممارسات التي تُستخدم جنبًا إلى جنب مع الطب الحديث أو كبديل عنه. من المهم إجراء المزيد من البحوث العلمية لتقييم فعالية هذه الممارسات وتحديد دورها في الرعاية الصحية.
ملاحظة: من المهم التنويه إلى أن استخدام أي من ممارسات الطب البديل يجب أن يكون تحت إشراف متخصص مؤهل، وبالتنسيق مع الطبيب المختص، خاصةً في حالات الأمراض المزمنة أو الخطيرة.