السيرة النبوية أهم الأحداث قبل مولد المصطفى ﷺ

السيرة النبوية أهم الأحداث قبل مولد المصطفى ﷺ
أراد الله سبحانه وتعالى أن يرحم البشرية، ويكرم الإنسانية، فحان وقت الخلاص، بمبعث الحبيب ، وقبل أن نشرع في بيان ميلاده الكريم، ونشأته العزيزة، ورعاية الله له قبل نزول الوحي عليه، وسيرته العطرة قبل بعثة الرسول، نريد أن نتحدث عن الآيات العظيمة، والأحداث الجليلة التي سبقت ميلاده عليه الصلاة والسلام .

فقد سبق مولده الكريم أمور عظيمة، دلت على اقتراب تباشير الصباح . إن من سنن الله في الكون أن الانفراج يكون بعد الشدة والضياء يكون بعد الظلام واليسر بعد العسر . ومن أهم هذه الأحداث :

قصة حفرعبد المطلب جد النبي ﷺ لزمزم

قصة حفر عبد المطلب، جد النبي ﷺ، لبئر زمزم كما وردت عن علي بن أبي طالب. قال عبد المطلب: كنت نائمًا في الحجر، فجاءني آتٍ وقال: احفر طيبة. فسألته: وما طيبة؟ لكنه انصرف ولم يوضح. 

وفي اليوم التالي، عدت إلى مضجعي ونمت، فجاءني ثانية وقال: احفر برّة. سألته: وما برّة؟ لكنه غادر مجددًا. وفي اليوم الثالث، جاءني وقال: احفر المضنونة. وعندما سألته عنها، رحل دون تفسير. 

حتى كان اليوم الأخير، فأتى وقال: احفر زمزم. استفسرت عنه، فأجاب: إنه بئر لا ينضب ماؤها ولا يُذم، يسقي الحجاج، وموضعه بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم (الغراب الذي في ساقيه بياض)، بجانب قرية النمل.

عندما ظهر الموضع لعبد المطلب وعرف صدق الرؤية، قام بالحفر ومعه ابنه الحارث إذ لم يكن له ولد آخر حينها. وبعد أن ظهرت (الطَّي) حافة البئر) ، كبر عبد المطلب. أدركت قريش عندئذٍ أنه بلغ هدفه .

فجاءوا يطالبون بحقهم فيها باعتبارها بئر جدهم إسماعيل. إلا أن عبد المطلب رفض مشاركتهم، قائلاً إنه خُص بهذا الشرف دونهم. عرضت قريش عرضًا بإنصاف النزاع بالتحاكم إلى كاهنة بني سعد التي كانت في الشام. وافق عبد المطلب وانطلق مع نفر من بني عبد مناف وقريش.

خلال الرحلة عبر مناطق قاحلة، نفد ماء عبد المطلب وأصحابه حتى يئسوا وأيقنوا بالهلاك. فاستسقوا من كانوا معهم فأبوا عليهم ، لكن الآخرين رفضوا خشية على أنفسهم. فأشار عليهم عبد المطلب بحفر حفرة لكل رجل تحسبًا للموت، بحيث يُدفن فيها إذا قضى نحبه لتكون الخسائر أقل. 

وافق الجميع وبدأوا الحفر. وبينما كانوا بانتظار الموت، قال عبد المطلب لأصحابه بأنه من الأفضل التحرك طلبًا للماء بدلاً من الاستسلام. ارتحلوا من جديد، وعندما نهضت راحلة عبد المطلب، انبثق من تحت موضع قدمها ماء عذب. فرح الجميع وشربوا وملأوا أسقيتهم.

دعا عبد المطلب قريش الذين شهدوا هذا الحدث وقال لهم: هلموا واشربوا مما سقاكم الله. بعد أن ارتووا، أقروا لعبد المطلب بحق زمزم قائلين: إن الذي رزقك هذا الماء في هذه الفلاة قد خصك بزمزم أيضًا، فلن نعارضك بعد الآن.

عاد عبد المطلب إلى مكة مع أهله تاركًا النزاع، بعدما سلّمت قريش بحقوقه في زمزم دون الحاجة لزيارة الكاهنة. وقد وردت عدة أحاديث في فضل ماء زمزم. 

عن النبي ﷺ أنه قال عنها: «إنها مباركة وطعام شبع». كما رُوي عن ابن عباس أن النبي أوضح «أن ماء زمزم هو لما شُرب له»؛ إن شُرب للاستشفاء شفاه الله، وإن شُرب للشبع أشبعه الله، وإن شُرب لقطع العطش قطعه الله. ويُذكر أن زمزم هي أثر من ضربة جبريل وسقيا إسماعيل عليه السلام.

قصة أصحاب الفيل

قصة أصحاب الفيل واحدة من الأحداث البارزة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم والسيرة النبوية، وتفاصيلها موجودة في كتب التاريخ والتفسير. قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ،أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ،وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ،تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ،فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ) .[سورة الفيل]. 

وردت إشارات النبي محمد ﷺ إلى هذه الحادثة، منها قوله عندما بركت ناقته في طريقه إلى الحديبية: "ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل". يشير ذلك إلى أن حادثة الفيل كانت ذات مكانة راسخة ومعروفة بين العرب آنذاك.

أما تفاصيل القصة التاريخية، فقد بدأت عندما قرر أبرهة الحبشي، ملك اليمن الذي كان أصله من الحبشة، بناء كنيسة بصنعاء سماها "القليس"، بهدف تحويل الحج إليها بدلًا من الكعبة في مكة. 

وسرعان ما جهز جيشه وتوجه إلى الكعبة لهدمها. حاول أحد ملوك حمير، ذو نفر، الوقوف أمام أبرهة ولكنه هُزم وأُسر. كذلك خرج النفيل بن حبيب الخثعمي وقبائل أخرى لمواجهة أبرهة لكنه هُزم أيضًا وأُسر.

وصل أبرهة إلى الطائف حيث أعلنت قبيلة ثقيف أنها ليست في صدام معه، ووجّهوا شخصًا يُدعى أبو رغال ليدله على الطريق إلى مكة. مات أبو رغال لاحقًا في مكان يُسمى المغمس، ورجم الناس قبره فيما بعد. 

أرسل أبرهة أحد قادته للاستيلاء على الإبل وممتلكات أهل مكة، وكان منها مائتا بعير لعبد المطلب بن هاشم. عندما قابل عبد المطلب أبرهة، طلب منه إعادة إبله، مشيرًا إلى أنه صاحب تلك الإبل بينما للكعبة رب يحميها. أعاد أبرهة الإبل لعبد المطلب الذي طلب من قريش الاحتماء في الشعاب المحيطة بمكة.

تحرك جيش أبرهة نحو الكعبة وبرفقته فيل ضخم يُعتمد عليه لتنفيذ الهدم، لكن الفيل رفض التقدم باتجاه الحرم المكي رغم الضرب والتوجيه. 

وفي تلك اللحظات، أرسل الله طيورًا تحمل حجارة صغيرة من سجيل رمتها على الجيش، فأصابت من أصابت وتسببت في موتهم أو إصابتهم بأمراض قاتلة. هذه الطيور كانت سببًا في إفشال خطة أبرهة وجيشه.

أما أبرهة نفسه فقد ابتُلي بمرض عضال تساقطت معه أنامله تدريجيًا وانتشر الداء في جسده حتى عاد إلى اليمن في حال بائس أشبه بفرخ الطير ومات بعد وصوله. بهذه النهاية العجيبة جسدت حادثة أصحاب الفيل قدرة الله وحفظه لبيته الحرام من العدوان.

تعليقات