الوضوء هو طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين.
دليل مشروعيته
ثبتت مشروعيته بأدلة ثلاثة :
- القرآن الكريم قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وجوهَكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينَ ) .
- السنة النبوية : روى أبو هريرة رضى الله عنه أن النبي ﷺ قال : «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» .
- الإجماع : انعقد إجماع المسلمين على مشروعية الوضوء من لدن رسول الله ﷺ إلى يومنا هذا ، فصار معلوماً من الدين بالضرورة .
فضل الوضوء
ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة نكتفى بالإشارة إلى بعضها :
عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : «إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل يصلح الله بها عمله كله وطهور الرجل لصلاته يكفر الله بطهوره ذنوبه وتبقى صلاته له نافلة» .
وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات . قالوا : بلى يا رسول قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الله الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة ، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط» .
فرائض الوضوء
للوضوء فرائض وأراكان تتركب منها حقيقته ، إذا تخلف فرض منه لا يتحقق ولا يعتد به شرعاً وإليك بيانها :
الفرض الأول : النية ، وحقيقتها الإرادة المتوجهة نحو الفعل ، ابتغاء رضاء الله تعالى وامتثال حكمه ، وهي عمل قلبي محض لا دخل للسان فيه ، والتلفظ بها غير مشروع ، ودليل فرضيتها حديث عمر رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : «إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى» .
الفرض الثاني : غسل الوجه مرة واحدة : أي إسالة الماء عليه ؛ لأن معنى الغسل الإسالة ، وحد الوجه من أعلى الجبهة إلى أسفل اللحيين طولا ، ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضاً .
الفرض الثالث : غسل اليدين إلى المرفقين ، والمرفق هو المفصل الذي بين العضد والساعد ، ويدخل المرفقان فيما يجب غسله ، وهذا هو المطرد من هدى النبى ﷺ ، ولم يرد عنه أنه ترك غسلهما .
الفرض الرابع : مسح الرأس ، والمسح معناه الإصابة بالبلل ، ولا يتحقق إلا بحركة العضو الماسح ملصقاً للممسوح . فوضع اليد أو الإصبع على الرأس أو غيره لا يسمى مسحا ثم إن ظاهر قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) لا يقتضى وجوب تعميم الرأس بالمسح ، بل يفهم منه أن مسح بعض الرأس يكفى فى الامتثال . والمحفوظ عن رسول الله في ذلك طرق ثلاث :
- مسح جميع رأسه : ففي حديث عبد الله ابن زيد : أن النبي ﷺ مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر . بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
- مسحه على العمامة وحدها : ففى حديث عمروبن أمية رضى الله عنه قال: (رأيت رسول ا الله الله عل يمسح على عمامته وخفيه) .وعن بلال : أن النبي ﷺ قال : (امسحوا على الخفين والخمار). وقال عمر رضى الله عنه : من لم يطهره المسح على العمامة لا طهره الله . وقد ورد في ذلك أحاديث رواها البخاري ومسلم وغيرهما من الأئمة كما ورد العمل به عن كثير من أهل العلم .
- مسحه على الناصية والعمامة : ففى حديث المغيرة ابن شعبة رضى الله عنه (أن النبي ﷺ توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين) .
هذا هو المحفوظ عن رسول الله ﷺ ، ولم يحفظ عنه الاقتصار على مسح بعض الرأس . ثم إنه لا يكفى مسح الشعر الخارج عن محاذاة الرأس كالضفيرة.
الفرض الخامس : غسل الرجلين مع الكعبين وهذا هو الثابت المتواتر من فعل الرسول ﷺ وقوله، قال ابن عمر رضى الله عنهما : تخلف رسول الله في سفره فأدركنا وقد أرهفنا العصر. فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته : «ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا» ، متفق عليه.
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى : أجمع أصحاب رسول الله ﷺ على غسل العقبين وما تقدم من الفرائض هو المنصوص عليه في قوله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وجوهكم وأيديكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلُكُمْ إِلَى الْكَعْبَينَ ) .
الفرض السادس : الترتيب . لأن الله تعالى قد ذكر في الآية فرائض الوضوء مرتبة مع فصل الرجلين عن اليدين وفريضة كل منهما الغسل بالرأس الذى فريضته المسح ، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة وهي هنا الترتيب ، والآية ما سيقت إلا لبيان الواجب ، ولعموم قوله ﷺ في الحديث الصحيح : «ابدءوا بما بدأ الله به» .
ومضت السنة العملية على هذا الترتيب بين الأركان فلم ينقل عن رسول الله ﷺ أنه توضأ إلا مرتباً ، والوضوء عبادة ومدار الأمر فى العبادات على الاتباع فليس لأحد أن يخالف الماثور في كيفية وضوئه خصوصاً ما كان مطرداً منها .